الأربعاء، 7 يوليو 2021

الرقص على الجراح //بقلم القاص ستار الفرطوسي




الرقص على جراح الآخرين ..

ذلك الرجل الطيب من أكابر وأخيار العشيرة وافاه الاجل ، ضجت مدينته بالتشييع المهيب ..

أحمد أحد أولاده طبيب مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية عاد للوطن مسرعاً لتشييع جنازة والده ، وكان حريصاً جداً على توعية من حوله بأتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من الإصابة بفايروس كورونا ، لم يتمكن من تطبيق ما تعلّمه من نصائح طبيه هناك لإختلاف العادات والتقاليد الإجتماعية والثقافات ..

لا يخفى على الجميع إن إقامة مراسيم العزاء تستنفد جهدا جبارا من عائلة المتوفى والذي همهم الأكبر بالرغم من ألم الحزن والفراق والمصاب إرضاء الناس المعزين في تقديم الخدمة اللازمة ووسائل الراحة لهم رداً وعرفاناً لمشقة حضورهم تلك المراسيم ..
من المضحك المبكي ..

مساء أحد الأيام بعد وفاة والده وبدون موعد سابق طرق باب دارهم شابان يرتديان الزي العربي ، تم الترحيب بهم توقعاً منه إنهم من ضمن المعزين الذين فاتهم الحضور للعزاء لتلبية ذلك الواجب الاجتماعي في مواساة أبناء المتوفى رحمة الله عليه ..
جلسوا في غرفة الضيوف ، كالمعتاد قُدّم لهم ما يُقَدّم للضيف من الماء والشاي وكلمات الترحيب والشكر والثناء ..
وصاحبنا الطبيب على رأس استقبالهم بكل ودّ ومحبة ..
بعد قليل رجوا أن يسمح لهم ان يلقوا في حضرة الأبناء شيء من (الهوسات العشائرية) ..
الطبيب ينظر ويسمع مستغرباً بما يفعلون ..
ألقوا ما في جعبتهم من الكلام أثناء ذلك وعلى عجالة راجع الطبيب مفرداتهم وما تعلمه من دراسة الأدب العربي والشعر والنثر فلم يجد أي تصنيف لما قالوه ..
بعد ان انهوا تلك الفعالية التي إستغرقت دقائق معدودة ، تفاجأ الطبيب انهم يطلبون ثمن أجرة السيارة التي أوصلتهم والبالغة خمسة عشر ألف دينار ومن أدب ذلك الطبيب وحسن نيته كونه بعيد عن تلك العادات أعطاهم المبلغ إلّا إنه تفاجأ أيضاً في طلبهم ثمن أجرة السيارة للعودة اعطاهم مبلغ عشرة الاف دينار لكنهم رفضوا ذلك مطالبين بمبلغ قدره خمسة عشر ألف دينار ، فما كان على الطبيب الا أن يهمس في أُذن أخيه الذي كان في الغرفة الأخرى على ما دار من حديث بينه وبين الرجلين ..
كان أخيه أكثر منه حنكة في التعامل بما موجود من حالات مشابهه في المجتمع مثل هذه الحالة ..
أغلق باب الغرفة عليهم بعد أن جمع إخوته وقال
هل تعرفوننا نحن ابناء المتوفى انظروا الى وجوهنا جيداً نحن لا نعرفكم ..
كيف دخلتم بيتنا ..؟
من ارسلكم ..؟
بعد ذلك تبين انهم لم يحضروا للمواساة وانما كانت طريقة قد ابتدعوها الغاية منها الحصول على المال ، تم طردهم الى خارج الدار وحذّرهم ناصحا بعدم الرقص على جراح الآخرين مرة أخرى لا سيما وإنّ لديهم مصاب أليم ..

بقلم ستار الفرطوسي

يا راحلين... بقلم الشاعر هاشم الفرطوسي

يا راحلينَ..عن الديار تريثوا                 قلبي غدا كالجمرِ في النيرانِ وأنا على صمتي أغوص بحَيرتي                   نار الهوى...